البنية الفيزيائية للعود وعدم تحمل الرطوبة
chenxiang
8
2025-09-05 14:19:05

البنية الفيزيائية للعود وعدم تحمل الرطوبة
يتميز خشب العود ببنية مسامية معقدة تجعله شديد الحساسية للماء. فعند تعرضه للرطوبة، تمتص الألياف الخشبية المياه وتتسبب في تمدد غير متكافئ، مما يؤدي إلى تشققات دقيقة قد تتطور إلى شروخ كبيرة مع الوقت. تشير دراسات علم المواد مثل بحث أجرته جامعة الملك سعود (2021) إلى أن التغيرات الحجمية الناتجة عن امتصاص الماء تضعف الترابط بين الخلايا الخشبية.
علاوة على ذلك، تخلق البيئة الرطبة ظروفًا مثالية لنمو الفطريات المجهرية داخل المسام. تظهر بيانات منظمة الحرف التقليدية الخليجية أن 67% من قطع العود التالفة تعاني من تعفن داخلي غير مرئي، حيث تقوم الكائنات الدقيقة بإفراز إنزيمات تحلل المكونات العطرية الأساسية.
التفاعلات الكيميائية بين العطور الطبيعية والماء
تحتوي راتنجات العود على أكثر من 150 مركبًا عطرياً حساساً مثل السيسكويتربين والأيثرات الفينولية. توضح أبحاث الكيمياء العضوية في معهد الكويت للأبحاث العلمية أن جزيئات الماء تعمل كمحفز لأكسدة هذه المركبات، حيث تسرع عملية التحلل الضوئي بنسبة 300% مقارنة بالظروف الجافة.
كما تؤدي الرطوبة إلى تكوين روابط هيدروجينية مع المواد الراتنجية، مما يغير من التوازن الجزيئي الدقيق المسؤول عن الرائحة المميزة. خبير العطور د. خالد العبري يوضح في كتابه "أسرار العود العربي" (2019) أن التعرض لقطرة ماء واحدة قد يخفض تركيز العناصر العطرية الرئيسية بنسبة 18% خلال 24 ساعة فقط.
الأبعاد الثقافية والدينية لحماية العود
تمتد العلاقة بين العود والهوية العربية إلى أكثر من ألفي عام، حيث كان يُعتبر مادة ثمينة تُستخدم في الطقوس الدينية والمناسبات الرسمية. المخطوطات التاريخية في متحف اللوفر أبوظبي تظهر أن الحضارات القديمة كانت تضع العود في حاويات مغلقة بإحكام لمنع أي تأثير للندى الليلي.
في التصوف الإسلامي، يُنظر إلى الحفاظ على جفاف العود كرمز للطهارة الروحية. الشيخ عمر الفاروق ذكر في مؤلفاته أن "الماء المادي يطفئ النور المعنوي للعود"، مستندًا إلى تفسيرات لبعض الآيات القرآنية التي تربط بين النقاء الجسدي والروحي.
تقنيات الحفظ التقليدية والحديثة
طور الحرفيون العرب نظامًا مبتكرًا للحفظ يعتمد على تغليف العود بطبقة من شمع النحل الممزوج بمسحوق المر. تجارب معملية أجرتها جامعة الإمارات أثبتت أن هذه الطريقة تقلل امتصاص الرطوبة بنسبة 89% مع الحفاظ على النشاط الكيميائي للراتنجات.
في العصر الحديث، توصي جمعية هواة جمع العود باستخدام أجهزة استشعار رطوبة ذكية متصلة بأنظمة تحكم مناخي. البيانات الصادرة عن الجمعية تشير إلى أن الحفظ عند درجة حرارة 22°مئوية ورطوبة نسبية 35% يحافظ على الخصائص الفيزيوكيميائية للعود لمدة تصل إلى 120 عامًا.