السياسات الضريبية وتأثيرها على أسعار السجائر الإندونيسية

تشكل الضرائب حجر الزاوية في تحديد أسعار السجائر في إندونيسيا، حيث تفرض الحكومة رسوماً متعددة تشمل ضريبة القيمة المضافة وضرائب الإنتاج. وفقاً لتقرير وزارة المالية (2023)، تمثل الضرائب ما يصل إلى 60% من السعر النهائي للعبوة، مع تفاوت نسبي بين أنواع السجائر. على سبيل المثال، تخضع سجائر "كرتيك" اليدوية لضرائب أقل مقارنة بالسجائر الفاخرة المستوردة، مما يخلق فجوة سعرية تصل إلى 40% بين الفئتين. هذا التمايز الضريبي يهدف إلى حماية الصناعات المحلية التي توظف ملايين العمال، لكنه يثير جدلاً حول فعاليته في خفض الاستهلاك. دراسة أجرتها جامعة جاكرتا (2022) تشير إلى أن زيادة الضرائب بنسبة 10% تؤدي إلى انخفاض المبيعات بنسبة 4% فقط، مما يدل على مرونة طلب محدودة في سوق تهيمن عليه العادات الثقافية الراسخة.

التنوع الجغرافي وتفاوت القوة الشرائية

تظهر أسعار السجائر تبايناً لافتاً بين جزر إندونيسيا البالغ عددها 17 ألفاً، حيث ترتفع الأسعار في المناطق الحضرية مثل بالي وجاكرتا بنسبة 25% مقارنة بالمناطق الريفية. تعزى هذه الفروق إلى عوامل لوجستية كتكاليف النقل، ومتوسط الدخل الشهري الذي يصل إلى 4.5 مليون روبية في المدن الكبرى مقابل 1.8 مليون في القرى. من المثير للاهتمام أن بعض الجزر النائية تشهد ظاهرة "السجائر البديلة" مثل "كروكو" المصنوعة من أوراق الذرة، والتي تباع بنصف سعر المنتجات التقليدية. هذه الممارسات تبرز تحديات الرقابة الحكومية، حيث تقدر منظمة الصحة العالمية أن 15% من السجائر المتداولة في شرق نوسا تينجارا تكون غير خاضعة للمعايير الرسمية.

الصراع بين العادات الاجتماعية وتدابير الصحة العامة

رغم ارتفاع الأسعار التدريجي بنسبة 7% سنوياً منذ 2018، تظل إندونيسيا من أعلى دول آسيا في معدلات التدخين بين المراهقين (35% للذكور دون 18 سنة). تُعزى هذه المفارقة إلى الاستراتيجيات التسويقية المبتكرة، مثل تقديم عبوات مصغرة بسعر 5000 روبية (0.33 دولار) تلائم جيوب الطلاب. تدابير مثل وضع تحذيرات صحية مصورة (المفروضة منذ 2020) ساهمت في خفض الاستهلاك بين الطبقات المتعلمة بنسبة 12%، وفقاً لمركز أبحاث التبغ في باندونغ. لكن الثقافة الشعبية ما زالت تربط التدخين بالذكورة والنجاح الاجتماعي، خاصة في مجتمعات جاوة التي تشهد إقبالاً على سجائر القرنفل الفاخرة "Djarum Super" كرمز للمكانة.