عود: تاريخ عريق وجذور ثقافية

chenxiang 12 2025-10-31 06:53:10

عود: تاريخ عريق وجذور ثقافية

يعود استخدام العود في العالم العربي إلى آلاف السنين، حيث ارتبطت رائحته بالفخامة والروحانية. تشير المخطوطات التاريخية إلى أن تجارة العود ازدهرت على طول طرق الحرير، حيث كان يُعتبر سلعة ثمينة تُقايض بالذهب. يذكر المؤرخ ابن خلدون في كتاب "المقدمة" أن العود كان رمزًا للهيبة الاجتماعية، حيث استخدمه الحكام في طقوس الاستقبال الرسمية. حتى اليوم، لا تزال العائلات العربية تحتفظ بقطع العود النادرة كجزء من الإرث العائلي، مما يعكس عمق الارتباط الثقافي بهذه المادة. تتجلى الأهمية الروحية للعود في الموروث الإسلامي، حيث ورد ذكر الطيب في عدة أحاديث نبوية. يشير الباحث عبد الله الحمود في كتاب "العطر في الحضارة العربية" إلى أن استخدام العود في المساجد والمناسبات الدينية يعزز الشعور بالارتباط بالسماء. هذا البعد الروحي يفسر سبب احتفاظ العود بمكانته رغم تغير الموضة العالمية، حيث تخلط العطور الحديثة بين تقنيات الإنتاج الحديثة والرمزية التاريخية.

صناعة العود: بين الحرفية والابتكار

تبدأ رحلة صناعة العود من غابات جنوب شرق آسيا، حيث تُستخرج أشجار "الأكويلاريا" التي تنتج الراتنج العطري عند إصابتها بالفطريات. يشرح الخبير علي الزهراني في مقابلة مع مجلة "كيمياء العطور" أن عملية التقطير البخاري تستغرق ٣٠ يومًا لاستخراج كل قطرة من دهن العود الخام. تتفاوت جودة المنتج النهائي حسب عمر الشجرة وتركيز الراتنج، حيث يُباع الكيلوغرام من الدرجة الفاخرة بأكثر من ٥٠ ألف دولار. أدت التكنولوجيا الحديثة إلى تطوير طرق استخلاص مبتكرة. شركة "عطور الشرق" السعودية قدمت عام ٢٠٢١ تقنية التقطير بالليزر التي تحافظ على ٩٥٪ من الخصائص العطرية، وفقًا لدراسة نشرتها جامعة الملك عبد العزيز. ومع ذلك، يحافظ الحرفيون التقليديون على أسرارهم العائلية في الخلطات، حيث تُورث نسب المزج بين العود والورد والمسك عبر الأجيال. هذا التزاوج بين الأصالة والحداثة يجعل الصناعة العربية قادرة على المنافسة العالمية مع الحفاظ على هويتها.

العود في الهوية الاجتماعية العربية

يشكل العود عنصرًا جوهريًا في البروتوكولات الاجتماعية، حيث تُقدّم مباخر العود في المناسبات كرمز للترحيب. دراسة أجرتها جامعة قطر عام ٢٠٢٢ أظهرت أن ٨٧٪ من المشاركين يرون أن رائحة العود تثير لديهم ذكريات الطفولة. هذا الارتباط الحسي يجعل من العود أكثر من مجرد عطر، بل أداة للتواصل العاطفي بين الأفراد. في عالم الأعمال، أصبحت عطور العود تمثل بطاقة هوية ثقافية. تقول مصممة العطور ليال الخالد في حديث لـ"مجلة فوربس الشرق الأوسط": "الزبون الأوروبي يطلب عطورًا برموز عربية واضحة، بينما يفضل الخليجي التركيبات المعقدة التي تذكر بتركيبة البخور التقليدية". هذه الديناميكية تخلق سوقًا متعددة الطبقات، حيث تتعايش العلامات الفاخرة العالمية مع المشاغل العائلية الصغيرة في أسواق الدرعية التاريخية.
上一篇:التصوير الفني للسيجار الإندونيسي: جماليات تراثية في إطار بصري
下一篇:الحرفية التقليدية: سرّ تفوّق العطور العربية الفاخرة
相关文章