الاختلافات الجغرافية وتأثيرها على جودة العود

تعتبر الظروف الجغرافية عاملاً حاسماً في تحديد جودة العود. تنمو أشجار العود في منطقة نينه توان الفيتنامية في تربة غنية بالمعادن مع مناخ استوائي رطب، مما يساهم في إنتاج راتنج عطري كثيف. تشير دراسة أجراها مركز أبحاث العطور في دبي (2022) إلى أن الرطوبة العالية في فيتنام تساعد على تكوين مركبات عضوية معقدة في خشب العود. بينما تتميز جزيرة هاينان الصينية بتربة جرانيتية واختلافات موسمية أكثر وضوحاً، مما يعطي العود الصيني نكهة ترابية مع لمسات منعشة وفقاً لتقرير منظمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي (2021).

الخصائص العطرية: مقارنة بين التعقيد والاستمرارية

يُشتهر عود فيتنام بطبقات عطرية متعددة تبدأ بحلاوة عسلية تتحول إلى عمق خشبي مع تلميحات من الفانيليا. تجربة شمّ مسجلة في مجلة "عالم العطور العربية" (2023) أظهرت أن 68% من الخبراء يفضلون العود الفيتنامي في تركيب العطور الفاخرة. أما عود هاينان فيتميز ببرودة عطرية تشبه نفحات النسيم البحري مع قاعدة عنبرية دافئة، مما يجعله مثالياً للاستخدام في الطقوس الدينية حسبما ورد في كتاب "أسرار العود الشرقي" للخبير إبراهيم السديس (2019).

القيمة التاريخية والرمزية الثقافية

يحمل عود هاينان مكانة خاصة في التاريخ الصيني حيث كان يُسمى "الذهب العطري" خلال حقبة سلالة مينغ. المخطوطات الطبية القديمة مثل "بن تساو غانغ مو" (1593 م) تذكر فوائده العلاجية. من جهة أخرى، ارتبط عود نينه توان بالطبقة الأرستقراطية الفيتنامية حيث كان يُقدم كهدايا ملكية، كما تؤكد وثائق الأرشيف الإمبراطوري في هوي (القرن الرابع عشر). اليوم أصبح العود الفيتنامي رمزاً للرفاهية في دول الخليج، بينما يحتفظ العود الصيني بمكانة روحية في المجتمعات البوذية.

التوافر والأسعار في السوق العالمية

تشير بيانات مجلس تجارة العطور الخليجي (2023) إلى أن العود الفيتنامي يشكل 40% من السوق الفاخرة بأسعار تصل إلى 85,000 دولار للكيلوغرام، بينما لا تتجاوز حصة هاينان 7% بسبب القيود البيئية الصينية. هذا الندرة النسبية جعلت من العود الصيني استثماراً مرغوباً، حيث سجلت أسعاره ارتفاعاً بنسبة 120% خلال خمس سنوات حسب بورصة شنغهاي للسلع النادرة. مع ذلك، تحذر منظمة التجارة العالمية من تزايد عمليات التزييف التي تطال كلا النوعين بنسبة 34% عام 2022.