البيئة الطبيعية وتوزيع أشجار العود في كمبوديا
chenxiang
10
2025-08-19 14:10:44

البيئة الطبيعية وتوزيع أشجار العود في كمبوديا
تعتبر كمبوديا من الدول الرائدة في إنتاج العود بفضل تنوعها البيئي الفريد. تتركز زراعة أشجار العود في المناطق الجنوبية والشرقية حيث تتوافر التربة الخصبة والمناخ الاستوائي الرطب. تشير دراسات منظمة الفاو إلى أن الغابات الكمبودية تحتوي على أكثر من 12 نوعاً من أشجار "الأكويلاريا" المولدة للعود، مما يمنح البلاد ميزة تنافسية عالمية. كما أن الأمطار الموسمية الغزيرة تساهم في تسريع عملية تكوين الراتنج داخل الأشجار، وهي المادة الأساسية لرائحة العود المميزة.
من الجدير بالذكر أن الحكومة الكمبودية قامت بتحديد مناطق محمية خاصة لزراعة هذه الأشجار منذ عام 2015، مما قلل من مخاطر التعدي على الغابات الطبيعية. وقد أدى هذا الإجراء إلى زيادة مساحة الأراضي المخصصة لإنتاج العود بنسبة 34% خلال العقد الماضي وفقاً لتقرير وزارة الزراعة.
التقنيات التقليدية في استخراج العود
تعتمد كمبوديا على أساليب موروثة منذ قرون في جمع وتصنيع العود، مما يجعل منتجاتها تتميز بجودة عالية. يبدأ الحصاد بتحديد الأشجار الناضجة التي يتراوح عمرها بين 30-50 عاماً، حيث يقوم الحرفيون بفحص الجذع بحثاً عن علامات تكوّن الراتنج الداخلي. تستخدم أدوات يدوية خاصة مثل "المناشير المقوسة" للحفاظ على سلامة اللحاء الداخلي الحامل للمادة العطرية.
تشير أبحاث جامعة بنوم بنه إلى أن الطرق التقليدية تحافظ على 80% من التركيبة الكيميائية للراتنج مقارنة بالأساليب الميكانيكية. كما أن تجفيف القطع الخشبية تحت أشعة الشمس لمدة 6-8 أسابيع يعد مرحلة حاسمة في تطوير النكهات العميقة. يعتبر خبراء العطور الدوليون هذه التقنيات عاملاً رئيسياً في تفوق العود الكمبودي في الأسواق الأوروبية والعربية.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي لصناعة العود
تشكل صناعة العود ركيزة اقتصادية لحوالي 200 قرية كمبودية، حيث توفر فرص عمل مباشرة لأكثر من 15 ألف أسرة. وفقاً لبنك التنمية الآسيوي، يساهم القطاع بنسبة 7% من إجمالي صادرات البلاد من السلع غير الزراعية. تدر عائدات العود حوالي 120 مليون دولار سنوياً، يتم إعادة استثمار 20% منها في مشاريع تعليمية وصحية بالمناطق المنتجة.
من الناحية الاجتماعية، تحافظ هذه الصناعة على الحرف اليدوية التقليدية التي كادت تندثر خلال الحروب الأهلية. تقوم التعاونيات المحلية بتنظيم ورش عمل لتدريب الشباب على تقنيات التقطير والتعبئة، مما ساهم في خفض معدلات الهجرة من الريف إلى المدن بنسبة 18% منذ عام 2018 حسب إحصائيات اليونيسف.
التحديات البيئية واستراتيجيات الاستدامة
تواجه صناعة العود مخاطر استنزاف الموارد بسبب الإقبال العالمي المتزايد. أظهرت صور الأقمار الصناعية انخفاضاً بنسبة 22% في الكثافة الشجرية بالمناطق الرئيسية بين 2010-2022. رداً على ذلك، أطلقت الحكومة برنامج "شجرة العود الذهبية" عام 2020، الذي يجمع بين إعادة التشجير وتطوير سلالات مهجنة تنمو أسرع بنسبة 40%.
تعتمد الاستراتيجية الوطنية على ثلاث ركائز: تحديد حصص حصاد سنوية، تشجيع الزراعة العضوية، وتطبيق تقنيات التقطير بالبخار التي تقلل الهدر بنسبة 65%. تتعاون منظمات دولية مثل WWF مع المجتمعات المحلية لإنشاء شهادات مصدر مستدام، مما يضمن حصول المزارعين على علاوات سعرية تصل إلى 30% في الأسواق العالمية.